حطمت المقابلة الودية الأخيرة بين فريقنا الوطني و منتخب صربيا الرقم القياسي للفضائح, وستبقى خالدة في الأذهان كإهانة لن تُمحى بسهولة من ذاكرة كل من إنتقل إلى ملعب 5 جويلية....المتسببون (من كل المستويات) عن تسلسل و إستمرار هذه الفضائح وصلوا إلى قمة اللامسؤولية, و أصابوا في الصميم ما تبقى من عزة هذه البلاد و شرف هذا الشعب
لم يحفظوا الدرس بالرغم من أنه منذ 3 اسابيع فقط حل خبيرين من الإتحادية الملكية الإنكليزية لكرة القدم ببلادنا(1) بدعوة من نظيرتها الجزائرية للحديث عن خبرة الإنكليز في مجال التعامل مع الجماهير خلال مقابلات كرة القدم و كلنا يعلم تطرف الهوليغانز في تعلقهم بالكرة و مدى تشابهه مع العقلية الجزائرية (من حيث الميل إلى العنف في التشجيع أو من جانب التطرف في إظهار حب الفرق)............لقد تكلم الخبيران على ثلاث كوارث كروية ضربت بلادهم : برادفورد, ميدلسبروه و هايسل و التي خلفت المئات من القتلى البريطانيين في الحادثين الأولين و الإيطاليين في حادثة ملعب هاسل ييلجيكا
هاته الكوارث أجبرت الحكومة البريطانية على تطبيق 76 توصية جاءت في تقرير القاضي تايلور حول إصلاح الكرة في المملكة المتحدة, هاته التوصيات تجبر ال96 ناديا إنكليزيا محترفا على تجديد ملاعبها, توفير كل شروط الإستقبال اللائق للمشجعين فيها, التكفل براحة المناصرين داخلها بفضل توفير الكراسي المرقمة ( مع مراقبة تطابق رقم التذكرة مع رقم الكرسي), تجهيز مطاعم الأكل السريع, زيادة عدد ابواب الدخول و الخروج للأنصار, تهيئة مواقف السيارات,تنظيم عمليات بيع التذاكر و عصرنتها, تنصيب كاميرات المراقبة في كل أرجاء الملاعب
كل هذا طبعا يتطلب تمويلات معتبرة ( الإنكليز لم يبخلوا على شعبهم لأنهم يعلمون أن أمن و راحة المناصر تمر قبل كل شيء ) يقول برايان دروو مدير الوحدة البريطانية للحفاظ على أمن كرة القدم في لندن.
منذ أن قامت إنكلترا بتحديث ملاعبها في منتصف التسعينيات إنخفضت درجة العنف و اصبحت ملاعبهم مكانا للترفيه عن النفس مدة ساعتين و أحسن الأمثلة على ذلك تهديم و إعادة بناء ملاعب ويمبلي, ملعب الألفية بكارديف و هايبوري بالأرسنال في مدة إنجاز لم تتعدى ال30 شهرا.
و فد حان الوقت لكي نفكر عندنا في الجزائر في سياسة رياضية حقيقية, فالواقع المرير يؤكد أنه لولا عشق الكرة الذي يسكن كل جزائري منا لكانت مدرجات ملاعبنا صحراء قاحلة في كل مباراة تجرى من بطولتنا, للتأكد من ذلك يكفي القيام بجولة في ملاعبنا : مدرجات بدون مراحيض,بدون مياه,القذورات و الغبار تحتل أماكن جلوس المناصرين,ابواب الدخول و الخروج مغلقة منذ تدشين شبه الملعب ماعدا مدخل واحد وحيد هو نفسه المخرج يمر عبره الألاف و لكم أن تتصوروا الإهانة,سياجات في كا مكان و كأنك في قفص
إن حياة كرة القدم في الجزائر تمر حتما عبر إعادة تاسيس لها في كل المجالات ( سياسة إحترافية,هياكل إستقبال,تعيين أشخاص أكفاء للتسيير...)
فبعد عامين على اقصى تقدير في 2012 إذا لم تمر الكرة عندنا إلى مرحلة أخرى من الإصلاح الحقيقي و الإهتمام الفعال فإنها ستموت لا محالة .........فرقنا و لاعبينا سيكتفون بتنشيط مباريات دورات ما بين الأحياء أما الإلتفاف الشعبي حول حول الفريق الوطني أو التدفق الجماهيري على مبارياته فلن يكون إلا ذكرى بعيدة نرويها لأولادنا.
لقد عوملنا في ملعب 5جويلية يوم الأربعاء الفارط و كأننا معتقلون جيء بنا إلى محتشدات لتعذيبنا بل و قوبلنا بالعصي و قنابل الغاز ( 220 شخصا بين جريح نقل إلى المستشفيات القريبة و بين مسعف في عين المكان )(2) الألاف لم يستطيعوا الدخول إلى الملعب رغم إقتنائهم للتذاكر بمبالغ مضاعفة.........و فوق ذلك تنشر جريدة تدعي الإحترافية بشرى للشعب الجزائري المسلم : إدارة ملعب 5 جويلية تسمح بأن يصطحب كل شاب صديقته معه و يدخلان بتذكرة واحدة
سبحان الله.... إجراءات التسهيل لا يتخذونها إلا في صالح المنكر أما بقية الشعب فلكم العصي و الغاز المسيل للدموع
ألم يحن الوقت أن تتقوا الله في هذا الشعب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
(1) حسبما جاء في جريدة الوطن ليوم الخميس الماضي 4 مارس
(2) حسبما جاء في جريدة الخبر ليوم الجمعة 5 مارس